تشديد الرقابة على التنقيب غير القانوني للذهب وسط تحديات أمنية واقتصادية في مالي

تعيش مالي على وقع تحركات حكومية جديدة تستهدف وقف النزيف الناتج عن أنشطة التنقيب غير القانوني عن الذهب، بعدما أصبحت هذه الظاهرة تشكل مصدر قلق متزايد للسلطات التي ترى فيها تهديدا مباشرا لاقتصاد البلاد وأمنها.
و تتجه أن الحكومة نحو فرض رقابة صارمة على عمليات التنقيب، بعدما رصدت كميات كبيرة من الذهب تهرب خارج البلاد عبر أنشطة غير مشروعة، وأكد مصدر حكومي أن "بعض الأجانب وجهات داخلية تستغل هشاشة الوضع الأمني في البلاد لممارسة أنشطة تنقيب غير قانونية، لكن المرحلة المقبلة ستشهد إجراءات أكثر حدة ضدهم".
ويأتي هذا التوجه بعد القرار الذي أصدرته السلطات الانتقالية قبل أشهر، والذي يقضي بإلغاء تراخيص تنقيب كانت قد منحتها بعض الإدارات المحلية لوافدين أجانب، في إطار مساعٍ لحماية الثروات الوطنية وتأمين مواقع التعدين.
الخبير الاقتصادي المتخصص في الشؤون الإفريقية، إبراهيم كوليبالي، يرى أن التنقيب غير المنظم عن الذهب أصبح معضلة حقيقية للقارة الإفريقية، قائلا إن "الطلب العالمي على الذهب جعل القارة ساحة مفتوحة لشبكات الاستغلال والتهريب التي تضعف الاقتصادات المحلية وتستنزف الموارد".
وأضاف كوليبالي أن "قرار السلطات في مالي بإلغاء تراخيص التنقيب لم يكن كافيًا لوقف هذه الأنشطة، خصوصًا أن بعض المناطق الخارجة عن السيطرة الحكومية تستغل من قبل جماعات مسلحة تمارس التنقيب لحسابها الخاص، ما يجعل تطبيق القوانين تحديًا بالغ الصعوبة".
وأشار إلى أن "إنقاذ ثروة الذهب الإفريقية يمر أولًا عبر استعادة السيطرة على الأراضي وتأمين مناطق التعدين، وإلا ستظل القارة تخسر جزءا كبيرا من مواردها لصالح أنشطة غير شرعية".
من جانبه، أوضح المحلل السياسي النيجري محمد الحاج عثمان أن "التنقيب غير القانوني بات من أبرز الملفات الشائكة في القارة، ليس فقط بسبب الخسائر المالية الضخمة، بل أيضا لارتباطه بتمويل الجماعات المسلحة في بعض الدول".
وقال الحاج عثمان إن "خسائر غانا على سبيل المثال بلغت نحو 1.1 مليار دولار عام 2019 بسبب هذه الأنشطة، ما يبرز حجم الأزمة التي تعانيها الحكومات الإفريقية"، مضيفا أن "الوضع في مالي أكثر تعقيدا نظرا لتداخل الجانب الأمني مع الاقتصادي، ما يجعل الحاجة ملحّة لإستراتيجية شاملة تتصدى للظاهرة من جذورها".