نحو تحقيق رقم قياسي تاريخي في بورصة الدار البيضاء


نحو تحقيق رقم قياسي تاريخي في بورصة الدار البيضاء
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      بعد أن أنهى سنة 2024 على وقع أداء قياسي (زائد 22,16 في المائة)، يواصل مؤشر مازي هذه السنة مساره التصاعدي بشكل لافت. ويتجه "مازي"، المؤشر المرجعي لبورصة الدار البيضاء، نحو تحقيق مستوى تاريخي لبلوغ - و ربما تجاوز- العتبة الرمزية لـ 19.000 نقطة.

ويبدو أنه ليس هناك ما قد يوقف صعود "مازي"، الذي يستفيد من مرتكزات اقتصادية قوية، ومؤشرات تقنية مطمئنة، مع استعادة ثقة المستثمرين بشكل ملحوظ.
وبتحقيقه تناميا يقارب 25,34 في المائة منذ بداية السنة، مع مستوى تداول يومي بلغ 18.517,45 نقطة في 2 يوليوز، يشهد "مازي" واحدة من أسرع وأقوى موجات الصعود في تاريخه.

وأكد المحلل المالي، عثمان فهيم، أن السوق يدخل دون شك دورة تصاعدية هيكلية معززة بمرتكزات متينة، بعدما تم تسجيله سنة 2022. موضحاأن هناك ثلاثة محركات رئيسية تفسر هذا الزخم، وتتمثل في السياسة النقدية الملائمة لبنك المغرب، الذي أبقى على سعر الفائدة الرئيسي عند 2,25 بالمائة، والتحسن المتواصل والملحوظ لنتائج الشركات المدرجة (زائد 7 في المائة في أرباح الفصل الأول من 2025)، ودينامية التداولات بفضل وصول العقود الآجلة الأولى إلى مؤشر مازي 20 بعد بلوغها تاريخ الاستحقاق.
وأضاف أن "هذه العوامل ساهمت في توسيع قاعدة المستثمرين وترسيخ المنحى التصاعدي".

ومنذ مطلع السنة، تجاوز المؤشر تباعا عتبات 15.000 نقطة، و16.000 نقطة، و17.000 نقطة، ثم 18.000 نقطة، وهي وتيرة قياسية تثير تساؤلات حول مدى استدامتها، في وقت يوصي فيه الخبراء بتبني مقاربة حذرة ومتفائلة في الآن ذاته.

واعتبر أن عتبة 19.000 نقطة تشكل أول مقاومة تقنية هامة. ومع ذلك - يضيف المحلل المالي- فإن مستوى 18.000 نقطة، الذي تم تجاوزه مؤخرا، قد يضطلع بدور داعم في حال حدوث تراجع منظم للسوق، كما أن تعزيز استقرار المؤشر حول هذا المستوى سيسمح بامتصاص المكاسب المحققة، مع الحفاظ على الزخم التصاعدي الشامل.
وبصرف النظر عن الأداء المؤكد بالأرقام، فإن هذه الطفرة التي حققها مؤشر "مازي"، تعكس تحولا جذريا في النظرة العميقة تجاه سوق الأسهم المغربية، الذي طالما وضع في مرتبة ثانوية في توزيع الأصول لفائدة العقار أو السندات، قبل أن يفرض نفسه اليوم كرافعة جذابة لتثمين الرساميل.

ومن الناحية التاريخية، لم تشهد بورصة الدار البيضاء إلا نادرا مثل هذا المنحى التصاعدي. وللعثور على دينامية مماثلة، ينبغي الرجوع إلى الفترة ما بين 2003 و2007، حينما ضاعف "مازي" من قيمته بفعل تدفق الاستثمارات وإقبال كبير.

كما أن "الدورة الحالية، التي انطلقت في أكتوبر 2022، تظهر بالفعل نموا يناهز 90 في المائة في أقل من سنتين ونصف"، مشيرا إلى أن السوق أصبح اليوم أكثر نضجا وسيولة وتجهيزا، وذلك بفضل إدراج أدوات مالية جديدة، على غرار المشتقات المالية، التي تتيح تدبيرا أفضل للمخاطر.
ومن جهة أخرى، فإن هذه الدينامية تتطور في سياق اقتصادي كلي أكثر استقرارا. ويتعلق الأمر بتضخم يتجه نحو الاعتدال، وعودة تدريجية للنمو بعد جائحة كورونا والجفاف، وكذا سياسات عمومية موجهة بشكل واضح نحو الاستثمار.
كما أدى الانفراج النقدي الذي أطلقه بنك المغرب دورا في تسريع هذا التوجه. ونتيجة لذلك، استعاد المستثمرون المؤسساتيون موقعهم، فيما بات المستثمرون الخواص بعد أن أصبحوا أكثر تدريبا وتوفرا على الأدوات بفضل المنصات الرقمية، أكثر انخراطا في المعاملات.

أما على الصعيد التقني، فتؤكد عدة مؤشرات متانة التوجه الحالي، من خلال التقاطعات الإيجابية للمعدلات المتحركة قصيرة وطويلة الأمد، إلى جانب مستوى تقلب محدود نسبيا، يعكس سوقا في تصاعد منتظم بعيدا عن المضاربات المفرطة.
ويعكس هذا المسار تفاؤلا متجددا في ما يتعلق بالآفاق الاقتصادية للمملكة. وقد ساهم انفراج الضغوط التضخمية، وانخفاض أسعار الفائدة، وتحسن المناخ الماكرو اقتصادي، في تعزيز جاذبية الأسهم المغربية.

وبذلك فإن سنة 2025 قد تشكل منعطفا جوهريا بالنسبة لبورصة الدار البيضاء، يجمع بين تعزيز الانتعاش ما بعد كوفيد، وانطلاق دورة نمو مستدامة جديدة. وإذا ما استمرت الظروف الإيجابية، فإن من شأن "مازي" أن يفرض نفسه كرمز لنهضة الأسواق المالية الوطنية.


اترك تعليقاً