مطاردة المغاربة في جنوب إسبانيا: حملة كراهية وعنصرية يؤجج نارها اليمين المتطرف


مطاردة المغاربة في جنوب إسبانيا: حملة كراهية وعنصرية يؤجج نارها اليمين المتطرف صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      في أعقاب الاعتداء على رجل مسن واتهام شباب من أصل شمال إفريقي، شهدت بلدة توري باتشيكو، في منطقة مورسيا جنوب إسبانيا، أعمال شغب معادية للأجانب استهدفت المهاجرين المغاربة مباشرة.

وقد اندلعت أعمال العنف هذه في مناخ مضطرب أصلا بسبب التوترات المرتبطة بالجريمة المنظمة.

ففي يوم الأربعاء 9 يوليوز الجاري، تعرض متقاعد إسباني يبلغ من العمر 68 عاما لاعتداء عنيف في الشارع، وسرعان ما انتشرت شائعات بأن الجناة شباب مغاربة، رغم عدم صدور أي تأكيد رسمي، لكن الحادثة كانت كافية لإشعال فتيل الغضب في توري باتشيكو، وهي بلدة زراعية يبلغ عدد سكانها 36 ألف نسمة، ويشكل المهاجرون فيها ما يقرب من 30% من السكان، غالبيتهم من أصل مغربي.

في نهاية هذا الأسبوع، تتجمع جماعات اليمين المتطرف، بعضها يرتدي أقنعة، والبعض الآخر مسلح بالهراوات والقضبان الحديدية، هدفهم: أخذ العدالة بأيديهم. وانتشرت مقاطع فيديو تُظهر استهداف سيارات ومنازل، وشعارات عنصرية تردد بأعلى الأصوات، واشتباكات مع الشرطة.

وأُطلقت دعوة لمطاردة مواطني شمال إفريقيا، في اليوم السابق عبر تيليغرام،

ووصفت صحيفة "إل باييس" اليومية هذه الحملة بأنها "حملة منسقة، تناسب أسوأ أساليب اليمين المتطرف.

ويشكل المغاربة، بلا منازع، أكبر جالية أجنبية في إسبانيا، إذ يتجاوز عددهم 900 ألف نسمة.

وفي توري باتشيكو، كما هو الحال في المجتمعات الزراعية الأخرى في الأندلس ومورسيا، يعمل معظمهم في بيوت زجاجية، وغالبًا في ظروف محفوفة بالمخاطر، لكن هذا الوجود الكثيف يشكل، أيضا، جوهر الأوهام التي تغذيها الأخبار والجريمة.

وتجدر الإشارة إلى أن المغاربة يشكلون أكبر جنسية أجنبية في السجون الإسبانية، وفقا لبيانات وزارة الداخلية الإسبانية (2023).

ولمواجهة موجة الكراهية هذه، حاولت السلطات إخماد الحريق، حيث أشار بيدرو أنخيل روكا، عمدة توري باتشيكو، إلى أن غالبية المهاجرين المغاربة يعيشون هنا من عملهم ويساهمون في الاقتصاد المحلي. "إنهم مواطنون كاملو الأهلية".

كما أدان فرناندو لوبيز ميراس، رئيس منطقة مورسيا، أعمال الشغب، داعيا إلى احترام التحقيق القضائي الجاري في الاعتداء على المتقاعد.

ويعيد هذا العنف إلى الأذهان أعمال شغب إل إيخيدو عام 2000، عندما تلت حادثة مماثلة هجمات استمرت عدة أيام ضد المهاجرين المغاربة. وبعد عقدين من الزمن، لم يتغير شيءٌ حقا: نفس الهشاشة، نفس التعايش المتوتر.

ولا تقتصر توترات الهوية على توري باتشيكو، فحسب، إذ في مدن أخرى في جنوب إسبانيا، تبدو علامات التحذير حمراء، بعدما أصبح الخطاب العنصري أكثر انتشارا، وتعمل وسائل التواصل الاجتماعي على تضخيم كل حادث، ولم يعد اليمين المتطرف، وخاصة حزب فوكس، يتردد في الاستفادة من هذا الغضب.

اترك تعليقاً