تفعيل ميثاق الاستثمار الجديد
صورة - تعبيرية
شكلت سنة 2023 مرحلة حاسمة في تحول المشهد الاقتصادي للمملكة، وذلك جراء تفعيل ميثاق الاستثمار الجديد. حيث تمت المصادقة على هذا الميثاق بداية خلال اجتماع المجلس الوزاري، الذي ترأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في شهر يوليوز 2022، ثم دخل حيز التطبيق، بعد اعتماد المراسيم التنفيذية لمختلف آلياته الرئيسية والخاصة، اعتبارا من شهر يناير 2023.
وحيث أن ميثاق الاستثمار، منبثق عن رؤية ملكية استباقية، فإنه يروم تحفيز التنمية بالمغرب في إطار شفاف ومتكيف ومتفاعل مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي، خارطة طريق طموحة لبيئة أعمال فريدة من نوعها، تجمع بين الاستثمارات وخلق فرص الشغل والعدالة الترابية والتنافسية. ونظرا لما يميزه من خصائص مبتكرة ومحفزة ، استحوذ على اهتمام المستثمرين، سواء الوطنيين أو الدوليين، والذين سرعان ما أعربوا عن اهتمامهم الشديد به، مما يبرز إقبالهم على الفرص الواعدة التي يوفرها هذا الإطار القانوني المتبصر والدينامي.
فاللجنة الوطنية للاستثمارات.. خطت خطوتين نحو الأمام
إذ خصص الاجتماع الأول للجنة الوطنية للاستثمارات، والتي تم إنشاؤها بموجب ميثاق الاستثمار الجديد، المنعقد بتاريخ 24 ماي 2023، لتدارس 21 مشروعا استثماريا، من بينها 17 مشروع اتفاقية و4 تعديلات على اتفاقيات.
وفي إشارة بارزة على الانطلاق الفعلي لخارطة الطريق هذه، اختتمت جلسة العمل الأولى بالمصادقة على هذه المشاريع الـ21، والتي تنطوي على استثمارات إجمالية بقيمة 76,7 مليار درهم، سينتج عنها إحداث 5728 منصب شغل مباشر و14.707 منصب غير مباشر.
ومن الناحية المالية، يتصدر القطاع الصناعي الاستثمارات المزمعة بحصة تبلغ 53,6 مليار درهم، أي ما يناهز 70 في المئة من المبلغ الإجمالي، متبوعا بتحلية مياه البحر بنسبة 14 في المئة من الاستثمارات المتوقعة، و4 في المئة للطاقات المتجددة.
أما على صعيد التشغيل، فيظل القطاع الصناعي في المقدمة، عبر إحداث 4213 فرصة عمل مباشرة، أي أكثر من 73 في المئة من إجمالي فرص الشغل المتوقعة، في حين تمثل المشاريع المزمعة في قطاعي السياحة والصحة 8 في المئة من فرص الشغل المتوقعة.
وفي إطار تفعيل صلاحياتها، تطبيقا لأحكام المرسوم المتعلق بتفعيل نظام الدعم الخاص المطبق على المشاريع ذات الطابع الاستراتيجي، أضفت اللجنة الوطنية للاستثمارات، برئاسة رئيس الحكومة، الطابع الاستراتيجي على 6 مشاريع استثمارية إضافية. إذ سيتم تدارس هذه المشاريع، التي تمثل مؤهلا استثماريا بقيمة 54,8 مليار درهم، مع إحداث 13.260 منصب شغل مباشر و33.150 منصب شغل غير مباشر، من طرف اللجنة التقنية المكلفة بمشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي، قبل المصادقة النهائية عليها من لدن اللجنة الوطنية للاستثمارات.
وبعد شهرين من ذلك، ووفاء منها للتوجه الذي دعا إليه جلالة الملك من أجل التنفيذ الجاد للميثاق الجديد للاستثمار، اجتمعت اللجنة الوطنية للاستثمارات مرة أخرى بتاريخ 20 يوليوز 2023.
وترسيخا للدينامية التي أرساها الاجتماع الأول، تمت المصادقة على 19 مشروعا جديدا بغلاف مالي إجمالي قدره 31,5 مليار درهم، وإحداث 11.742 منصب شغل مباشر و9280 منصب شغل غير مباشر.
ويلاحظ أن هذه السلسلة الجديدة من المشاريع، البالغ عددها 17 مشروع اتفاقية وتعديلين للاتفاقيات، تعكس تنوع القطاعات الاقتصادية المستهدفة والتزام المغرب بالتحول في مجال الطاقة.
وبالفعل، يتصدر قطاع النقل الكهربائي قائمة المشاريع المعتمدة، حيث استحوذ على ما يناهز 71 في المئة من الاستثمارات المعبأة، أي 22,5 مليار درهم، و38 في المئة من فرص الشغل المباشرة المتوقعة (4458). وتساهم قطاعات تربية الأحياء المائية والصناعة الغذائية والسيارات بنسبة 17 و11 و9 في المئة على التوالي في برنامج التشغيل.
و تدارست اللجنة وأضفت الطابع الاستراتيجي على 4 مشاريع استثمارية في منظومة السيارات الكهربائية، تعادل مؤهلا استثماريا قدره 113,8 مليار درهم، سيمكن من إحداث 15.720 منصب شغل مباشر و99.000 منصب شغل غير مباشر.
وتؤكد القرارات الاستراتيجية المتخذة خلال الاجتماعات الأخيرة للجنة الوطنية للاستثمارات، وطبيعة المشاريع التي تمت المصادقة عليها بغلاف مالي أولي يفوق 107 مليارات درهم، التزام المملكة باقتصاد متنوع ومستدام وموجه نحو مهن المستقبل.
إنه عمل متناغم ويتيح الارتباط المتناغم بين ميثاق الاستثمار الجديد وصندوق محمد السادس للاستثمار، الذي دخل حيز التنفيذ منذ ماي 2023، للمغرب رافعة قوية لتحقيق الرهان الضخم المتمثل في 500 مليار درهم من الاستثمارات الخاصة، مع إحداث 500 ألف منصب شغل في أفق سنة 2026.
وقد أكد الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، محسن الجزولي، مؤخرا بمجلس النواب، أن الحكومة تعمل على تعزيز دور المراكز الجهوية للاستثمار حتى تتمكن من الإشراف على جودة وفعالية كافة مراحل العملية الاستثمارية، وعلى تنفيذ ميثاق الاستثمار الجديد من خلال إحداث توافق بين جميع الفاعلين حول أهداف الاستثمار الخاص، كما حددها صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وذكر، بهذه المناسبة، بتخصيص 335 مليار درهم للاستثمار العمومي برسم سنة 2024، بزيادة بنسبة 11 في المئة مقارنة بالسنة الماضية، وإطلاق مشاريع البنية التحتية وفقا للمعايير الدولية، وتحسين مناخ الأعمال الوطني والجهوي، فضلا عن مواصلة الاستراتيجيات القطاعية الطموحة.