الهيستوتريپسي تقنية ثورية لتفتيت الأورام بالموجات الصوتية من دون جراحة


الهيستوتريپسي تقنية ثورية لتفتيت الأورام بالموجات الصوتية من دون جراحة صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

       تعد تقنية الهيستوتريپسي واحدة من أكثر الابتكارات الواعدة في مجال علاج الأورام، إذ تعتمد على موجات صوتية مركزة لتفتيت الخلايا السرطانية من دون أي تدخل جراحي.

وقد أثبتت التجارب الحديثة فعاليتها العالية، خصوصا في أورام الكبد، مع مضاعفات أقل مقارنة بالعلاجات التقليدية.

 

في الوقت الذي لا تزال فيه طرق العلاج التقليدية  مثل الجراحة والعلاج الإشعاعي والكيميائي  تسبب آلاما ومخاطر متعددة، برزت الهيستوتريپسي كخيار مختلف تماما. فهي تستخدم طاقة صوتية عالية الدقة لتوليد فقاعات مجهرية داخل الورم، والتي تتوسع وتنهار بسرعة، ما يؤدي إلى تفكيك الخلايا السرطانية إلى أجزاء صغيرة يتخلص منها الجسم طبيعيا خلال أسابيع، من دون إلحاق الضرر بالأنسجة المحيطة.

 

تشبه هذه التقنية التصوير بالموجات فوق الصوتية، لكنها تعتمد طاقة أقوى بكثير. وهي تتميز بكونها غير جراحية، فلا تحتاج إلى شقوق أو أدوات داخل الجسم، مما يقلل الألم ومخاطر العدوى ويسرع التعافي. كما أنها لا تستخدم الحرارة ولا الإشعاع المؤين، وتعتمد على التصوير الفوري الذي يسمح للطبيب بمتابعة العلاج وتوجيهه بدقة لحظية.

 

أظهرت الأبحاث المخبرية والدراسات التي أُجريت على الحيوانات قدرة كبيرة للهيستوتريپسي على تدمير أورام الكبد والكلى والبنكرياس، خاصة تلك القريبة من الأوعية الدموية أو المناطق الحساسة التي يصعب علاجها بطرق أخرى.

 

وقد اقتربت التقنية من الاستخدام السريري الواسع بعد موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية على اعتمادها لعلاج بعض أورام الكبد، مستندة إلى نتائج تجربة Hope4Liver التي أكدت فعاليتها مع مضاعفات أقل من العلاجات التقليدية.

 

ويبدو أن أثر التقنية لا يقتصر على التفتيت الميكانيكي للورم، إذ إن انهيار الخلايا السرطانية يؤدي إلى إطلاق إشارات مناعية تساعد الجسم على التعرف إلى الورم بشكل أوضح.

وقد سجلت حالات تدل على التأثير الأبسكالي، أي ظهور استجابات مناعية في مناطق بعيدة عن موقع العلاج، مما يفتح المجال أمام دمجها مع العلاجات المناعية الحديثة.

 

تتجاوز أهمية الهيستوتريپسي علاج الأورام، إذ أثبتت التجارب الأولية دورها في علاج تضخم البروستاتا الحميد، وتحسين حالة الصمامات القلبية المتكلسة، وحتى بعض الاضطرابات العصبية.

 ففي مجال أمراض الصمامات، تمكنت من تليين الشرفات وتحسين حركتها، رغم أنها لا تزال في مرحلة الدراسات ما قبل السريرية.

 

ورغم هذه الآفاق الواسعة، ما تزال التقنية تواجه تحديات تقنية، أبرزها تشوه مسار الموجات الصوتية عند مرورها قرب العظام أو الأنسجة المختلفة الكثافة، إضافة إلى صعوبات في استهداف بعض الأورام بسبب اختلافات تشريحية بين المرضى أو بسبب الحركة الطبيعية كالتنفس.

 

كما أن بعض السرطانات تكون أكثر انتشارا مما تظهره الفحوص، في حين تستهدف الهيستوتريپسي مناطق محددة فقط، ما يجعلها جزءا من خطة علاجية شاملة وليست بديلا كاملا في كل الحالات.

 

يرى الباحثون أن هذه التقنية قد تشكل نقطة تحول في علاج الأورام مستقبلا، بفضل دقتها وقدرتها على تعزيز الاستجابة المناعية. ومع استمرار التجارب السريرية وتطوير أجهزة أكثر تخصصا، يتوقع أن تتوسع دائرة استخدامها وأن تتحدد بدقة أكبر الفئات التي تستفيد منها.

 

وتشير التوقعات إلى أنه في حال أثبتت الدراسات الواسعة فعاليتها المستمرة، فقد تقلل الهيستوتريپسي من الاعتماد على الجراحة التقليدية، وتمنح المرضى خيارات علاجية جديدة، خصوصًا لأولئك الذين لا يناسبهم العلاج المعتاد.

 

إن تحويل الموجات الصوتية إلى أداة دقيقة لتدمير الأورام يمثل نقلة نوعية في عالم الطب، ويبدو أن الهيستوتريپسي في طريقها لتغيير شكل العلاج في السنوات المقبلة.

اترك تعليقاً