النيجر تعيد رسم سرديتها الوطنية لجنة لإعادة كتابة التاريخ في لقاء مغلق مع الرئيس تشياني

في خطوة لافتة ذات رمزية سياسية وتاريخية، استقبل رئيس النيجر، الجنرال عبد الرحمن تشياني، أول أمس السبت، أعضاء اللجنة الخاصة المكلفة بإعادة كتابة تاريخ البلاد، وذلك خلال اجتماع مغلق في القصر الرئاسي بالعاصمة نيامي، أثار الكثير من التساؤلات حول خلفياته وتوقيته.
الاجتماع، الذي جرى بعيدا عن وسائل الإعلام، حضره رئيس الوزراء وعدد من أعضاء الحكومة، إلى جانب شخصيات بارزة من المجلس الوطني لحماية الوطن، الهيئة العسكرية التي تدير شؤون البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد بازوم.
ورغم الطابع الرسمي والمكثف للاجتماع، لم تصدر أية تصريحات عقب اللقاء، مما زاد من الغموض المحيط به، ودفع مراقبين لاعتباره مؤشرا على تحول عميق في المسار السياسي والثقافي للنيجر.
تضم اللجنة، التي يرأسها الأكاديمي والمؤرخ مايكرما زكاري، نخبة من المختصين في التاريخ والثقافة، وقد أُنشئت بقرار رئاسي لتأليف "تاريخ عام للنيجر" من منظور وطني مستقل.
وتهدف المبادرة إلى تجاوز الروايات التاريخية التي كرّسها الاستعمار الفرنسي، وإبراز إسهامات الشعب النيجري في بناء هويته بعيدًا عن التحيزات الخارجية.
كما تسعى اللجنة إلى توثيق التنوع العرقي والثقافي للبلاد، والاعتراف بأدوار الأجداد والقبائل المحلية في بناء الدولة الحديثة، في إطار مشروع أوسع تعتمده السلطات الانتقالية لتعزيز السيادة الوطنية على مستوى الرموز والتصورات التاريخية.
يرى مراقبون أن هذه الخطوة ليست مجرد مبادرة أكاديمية، بل تحمل في طياتها رسالة سياسية قوية، تعكس رغبة النظام الحالي في إعادة تعريف الهوية الوطنية بعيدًا عن النفوذ الفرنسي، لا سيما بعد سلسلة إجراءات رمزية كإعادة تسمية الشوارع والميادين التي كانت تحمل أسماء استعمارية.
وتأتي هذه المبادرة ضمن سياق أوسع من محاولات النيجر تفكيك الإرث الاستعماري، وإعادة بناء مؤسساتها وسرديتها السياسية والثقافية، بما ينسجم مع تطلعات المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد منذ صيف 2023.