المغرب والمصالحة اللبنانية: عندما يتحدث التاريخ على النظام الجزائري أن يستمع ويصمت!

القائد الحقيقي هو من يقود بالقدوة، ويُظهر النزاهة، ويعطي الفضل لمن يستحقه. هذا هو حال الرئيس اللبناني، جوزيف عون، الذي أقر، في الجزائر، بالدور المهم الذي لعبه المغرب في دفع المصالحة الوطنية اللبنانية، تاركا الحكام الجزائريين في حالة من الذهول.
كان النظام الجزائري المعزول دوليا ينوي استغلال زيارة عون كحملة علاقات عامة لتلميع صورته، وصرف الانتباه عن الانتكاسات الدبلوماسية المتتالية والأزمات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية المتفاقمة.
لكن المشهد الجزائري انهار أمام الواقع المرير وتصريحات الرئيس اللبناني، الذي كان من المفترض أن يشكر الجزائر على تبرعها البالغ 200 مليون دولار لإعادة إعمار لبنان. وقد أثار هذا التبرع دهشة واسعة، إذ جاء بعد زيارة مستشار الرئيس الأمريكي من أصل لبناني، مسعد بولس، إلى الجزائر.
إلا أن الأمور لم تسر كما خطط لها الرئيس تبون وحاشيته، بعدما قال الرئيس عون، موجها ضربة قاسية لتبون وأتباعه: "لعب المغرب دورا تاريخيا وحاسما في المصالحة الوطنية اللبنانية. لن ننسى أبدا هذه المساهمة الأخوية".
لقد تأثر النظام الجزائري الوهمي، الذي يدعي أنه وسيط عالمي ومدافع عن جميع القضايا وحارس للتوازن العربي والدولي، بشدة بتصريح الرئيس اللبناني.
وأكد لهم بنبرة حازمة أن اتفاق السلام اللبناني أُبرم في الطائف عام 1989، ليس بفضل الرياض أو الجزائر فحسب... بل بفضل المغرب قبل كل شيء.
في أكتوبر 1989، عصفت حرب أهلية مدمرة بلبنان استمرت 15 عاما. ولوقف إراقة الدماء، أنشأت جامعة الدول العربية لجنة ثلاثية مؤلفة من المملكة العربية السعودية، والمغرب، والجزائر لجمع الفصائل اللبنانية المتحاربة.
ولعب المغرب دورا رئيسيا وراء الكواليس، حيث قدم وساطة براغماتية بين المسيحيين والمسلمين، وعزز التسويات المؤسسية التي من شأنها أن تؤدي إلى توافق.
استضافت المملكة العربية السعودية مفاوضات الطائف، مما منحها حضورا دوليا. شاركت الجزائر في الإطار الدبلوماسي، لكنها تغيبت عن التحكيم النهائي.
وأعاد النص الموقع في الطائف توزيع السلطة بين الطوائف، وأنهى الحرب، ويذكر كوساطة جماعية عربية ناجحة، لعب فيها المغرب دورا محوريا، وإن كان غالبا ما يغفل ذكره.
يحمل اتفاق الطائف بصمات المغرب، كما أقرّطت بذلك الفصائل اللبنانية. الحق ينتصر دائما!