وكالات أممية تطالب بهدنة إنسانية بغزة
صورة - م.ع.ن
أكدت وكالات أممية ضرورة زيادة التمويل من أجل توفير مساعدات كافية لقطاع غزة في ظل الأزمة الإنسانية التي يعيشها القطاع وتصعيد إيقاع المواجهات المحتدمة بين إسرائيل وحماس والتي تجاوزت ما هو عسكري لتطال المدنيين وتودي بحياة الكثيرين منهم.
وفي هذا الصدد قال "ينس لاركيه" المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أمس الجمعة، أن "الوضع أصبح يائسا بشكل متزايد"، وأضاف أن النداء العاجل الأولي لجمع 294 مليون دولار لدعم ما يقرب من 1.3 مليون شخص والذي حصل حتى الآن على تمويل بنسبة 25 في المائة، منحتها ثلاث جهات هي الولايات المتحدة، وصندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ واليابان، والذي تم إطلاقه في 12 أكتوبر من السنة الجارية، لن يكون كافيا.
كما جدد السيد "لاركيه" التأكيد على الحاجة إلى هدنة إنسانية لكي تتمكن منظمات الإغاثة من إيصال المساعدات الإنسانية. وشدد على أن "آليات فض الاشتباك" هذه تم تنفيذها في "سياقات أخرى كثيرة" بما في ذلك شمال غرب سوريا واليمن وأفغانستان.
علاوة على هذا ركز السيد "لاركيه" على الأهمية البالغة لفتح المعابر الحدودية بين إسرائيل وغزة، مثل معبر كرم أبو سالم الذي كان نقطة دخول رئيسية للبضائع قبل التصعيد، إذ لم يسمح حتى الآن بدخول المساعدات إلا عبر معبر رفح من مصر، حيث دخلت 374 شاحنة منذ استئناف عمليات إيصال المساعدات في 21 أكتوبر ووصلت أكبر قافلة مؤلفة من 102 شاحنة يوم البارحة الخميس.
وشدد المتكلم ذاته أيضا على أهمية توفير الوقود، مشيرا إلى أن "قدرتنا على تخفيف معاناة الفلسطينيين" ستعتمد أيضا على توفر الوقود. وجدير بالذكر أن غزة لم تستقبل منذ بداية الأزمة أية وقود، وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنه بسبب نقص هذه المادة تم يوم أمس الخميس "توقف تشغيل آبار المياه ومحطات تحلية المياه في جنوب غزة بشكل شبه كامل".
وتابع المكتب أنه "ليس هناك ما يكفي من الوضوح بشأن وصول الناس إلى المياه في شمال غزة". كما أوضح أيضا أن المساعدات المتاحة "لا تزال غير كافية لتغطية احتياجات الناس الأساسية".
ويحتاج حاليا 2.7 مليون شخص أي إجمالي سكان غزة و500ألف شخص في الضفة الغربية المحتلة، إلى مساعدات غذائية وصحية وكذا الماء والمأوى والنظافة الصحية، وتقدر تكلفة تلبية احتياجاتهم بنحو 1.2 مليار دولار.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقد يومه الجمعة في جنيف، أشار المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية "كريستيان ليندميير" إلى مقتل أكثر من 9000 شخص وفق ما أفادت به السلطات الصحية في غزة وأن 70 في المائة من الضحايا هم نساء وأطفال. بينما بلغ عدد القتلى الإسرائيليين 1400 شخص، ليكون الخاسر الوحيد في هذه الحرب هم المدنيون الأبرياء حسب "ليندميير".
ومن جهتها، سلطت المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان "ليز ثروسيل" الضوء على المخاوف بشأن الغارات الجوية الإسرائيلية على مخيمي "جباليا" و"البريج" للاجئين في الأيام الأخيرة، والتي أدت إلى تدمير العشرات من المباني السكنية، وإسقاط عدد كبير من الضحايا. وفي ذات السياق، وجهت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أول أمس الأربعاء الأنظار إلى ما وصفته بـ "الهجمات غير المتناسبة التي يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم حرب".
كما أشارت المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان إلى التقارير التي تفيد باستخدام "أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق في بعض المناطق الأكثر كثافة سكانية في غزة".
وأماطت "ثروسيل" اللثام عن "مخاوف جدية إزاء عدم احترام الجانبين لمبدأي التمييز والتناسب".
وجددت المتحدثة ذاتها دعواتها للجماعات الفلسطينية المسلحة إلى الوقف الفوري لإطلاق الصواريخ العشوائية على إسرائيل وكذا "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم، في انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي"، حيث أفادت السلطات الإسرائيلية أن هناك 242 شخصا إسرائيليا وأجنبيا محتجزا في غزة.
وأضافت المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان قائلة: "إن عنف المستوطنين- الذي كان بالفعل عند مستويات قياسية- تصاعد أيضا بشكل كبير منذ 7 أكتوبر"، فقد شهدت الضفة الغربية المحتلة وقوع سبع هجمات، يوميا، على يد المستوطنين، صاحبها استخدام للأسلحة النارية في أكثر من ثلث هذه الهجمات.
واسترسلت السيدة ثروسيل حديثها قائلة أنه: "في العديد من هذه الحوادث، كان المستوطنون برفقة أفراد من القوات الإسرائيلية، أو كان المستوطنون يرتدون الزي الرسمي ويحملون بنادق الجيش".
وأضافت أنه "على الرغم من تورط مئات المستوطنين في أعمال العنف اليومية هذه، إلا أنه منذ 7 أكتوبر، أفادت التقارير بأن القوات الإسرائيلية اعتقلت اثنين فقط من المستوطنين بتهمة الاعتداء على الفلسطينيين وقتل مزارع فلسطيني واحد".
وقد أدى هذا الصراع المحتدم والعنف المتزايد إلى إجبار الكثير من الفلسطينيين على ترك أراضيهم حيث اضطر ما يقرب من ألف فلسطيني- من 15 مجتمعا رعويا على الأقل في الضفة الغربية- إلى الفرار من منازلهم، منذ انطلاق شرارة هذه الأزمة.
وتابعت السيدة "ثروسيل" إنه منذ بداية التصعيد، اعتقلت القوات الإسرائيلية ما يقرب من ألفي فلسطيني: "لقد تلقينا تقارير موثوقة ومتسقة تشير إلى زيادة أخرى في سوء معاملة المعتقلين، وهو ما قد يصل في كثير من الحالات إلى مستوى التعذيب".
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بوفاة فلسطينيين اثنين في الحجز اعتقلا مع بداية الصراع.
وحذر المكتب الأممي من أن المحتجزين "لا يحصلون، حسب التقارير، على الإجراءات القانونية الواجبة والضمانات القضائية، كما يقتضي القانون الدولي".