ميزانية 2026 تربك المشهد السياسي الفرنسي إرهاق برلماني أم مناورة حكومية
صورة - م.ع.ن
في ذروة توتر سياسي غير مسبوق، تجد حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون نفسها في مواجهة معركة برلمانية معقدة حول مشروع قانون مالية 2026، وسط سباق مع المهل الدستورية وانقسامات حادّة داخل الجمعية الوطنية.
وبينما تبرر الحكومة قرارها تعليق جلسات التصويت بحجج تتعلق بـ"الإرهاق" و"الإيقاع غير المحتمل" لمناقشة كم هائل من التعديلات، يرى مراقبون أن ما يجري يتجاوز التنظيم البرلماني ليصل إلى حسابات سياسية دقيقة تهدف إلى تفادي هزيمة محتملة داخل البرلمان.
وجاء إعلان الحكومة، الأربعاء، بتعليق اجتماعات اللجان التي كانت مقررة نهاية الأسبوع للتصويت على مشروع القانون، ليفتح الباب أمام انتقادات واسعة من أحزاب اليسار، التي اعتبرت الخطوة محاولة لإجهاض التصويت على ميزانية لا تحظى بإجماع.
وقد ذهبت زعيمة نواب الخضر، سيريل شاتيلان، إلى وصف القرار بأنه "غير مقبول"، ملوحة بأن للمعارضة وسائل ضغط متعددة، فيما سارعت كتل يسارية إلى عرض سحب عدد من تعديلاتهم لتسهيل المسار إذا لزم الأمر.
أما الحكومة فتمسكت برواية الإرهاق، حيث اعتبر الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، لوران بانيفوس، أن وتيرة المناقشات الحالية تجعل من المستحيل استكمال دراسة أكثر من 1900 تعديل متبقٍ، فيما يشير بعض النواب إلى أن ظروف العمل داخل القاعة باتت غير قابلة للاستمرار.
ومع ذلك، لم يخل المشهد من تباين داخل صفوف المعارضة نفسها، إذ رأى جزء منها أن التوقف مؤقتا قد يكون ضروريا لضمان نقاش سليم، بينما اعتبر آخرون أن الأمر لا يعدو كونه غطاء لتكتيك سياسي حكومي.
ومع اقتراب موعد 23 نوفمبر، الموعد النهائي لإحالة المشروع إلى مجلس الشيوخ، يتزايد الضغط على الجهاز التنفيذي.
فالأيام المتبقية محدودة، والحكومة تملك خيارات قد تضطر إلى اللجوء إليها لتسريع المسار، منها اعتماد أدوات دستورية خاصة أو إصدار أوامر تشريعية، وهي خطوات من شأنها تجاوز العقبات الزمنية لكنها قد تثير غضبا سياسيا واسعا.
وتترافق هذه التجاذبات مع احتدام النقاش حول ملفات مالية حساسة، أبرزها محاولات الحكومة السابقة لحذف خصم 10 في المئة على المعاشات وتعويضه بمنح قسطية، وهو إجراء أسقطه تحالف اليسار واليمين التقليدي، ما حرَم الحكومة من توفير عائدات تقدر بـ1.2 مليار يورو.
كما تصاعدت المقترحات المتعلقة بضرائب جديدة تستهدف الشركات متعددة الجنسيات والأرباح الكبيرة، وهو ما وصفه بعض نواب الأغلبية بأنه "جنون ضريبي" يعقد الوضع السياسي والاقتصادي.