قيود الصين على المعادن النادرة تشل صناعة السيارات العالمية وتربك سلاسل التوريد

تواجه صناعة السيارات العالمية أزمة غير مسبوقة، إثر اضطرابات حادة في سلاسل الإمداد، ناجمة عن القيود التي فرضتها الصين مؤخرا على تصدير المعادن النادرة والمغناطيسات، وهي مكونات أساسية في تشغيل المحركات الكهربائية، والنوافذ، ومكبرات الصوت، وغيرها من التقنيات الحيوية في السيارات.
دفعت هذه الأزمة عددا من شركات صناعة السيارات الكبرى إلى وقف إنتاج بعض طرازاتها. فقد أوقفت "فورد" إنتاج سيارتها "Explorer" في مصنعها بشيكاغو لأسبوع كامل خلال الشهر الماضي، في حين علقت "سوزوكي موتور" تصنيع طراز "سويفت" منذ 26 ماي ، وسط توقعات باستئناف جزئي للإنتاج بحلول 13 يونيو.
كما طالت الارتدادات شركات كبرى مثل "تويوتا"، و"بي إم دبليو"، و"تيسلا"، إضافة إلى تحذيرات من شركة "باجاج أوتو" الهندية بشأن احتمالات توقف إنتاج سياراتها الكهربائية في يوليو إذا استمر تأخر الإمدادات.
وفي أوروبا، أعلنت رابطة موردي السيارات (CLEPA) عن إغلاق عدد من مصانع الموردين، بينما أكدت شركة "بوش" الألمانية أن مورديها يواجهون صعوبات في الحصول على تراخيص التصدير من الصين. كذلك صرحت "ZF" الألمانية بأن بعض مورديها تأثروا بالفعل.
أما شركة "تيسلا"، فقد أفادت في أبريل بأن إمداداتها من المغناطيسات الأرضية النادرة تضررت بشكل كبير بسبب القيود الصينية، ما أدى إلى تقليص مؤقت في إنتاج بعض النماذج، وتأخير تسليم الطلبات في أسواق معينة.
في نفس السياق كانت الصين قد أدرجت، في أبريل الماضي، أنواعا من المغناطيسات الأرضية النادرة ضمن قائمة المواد الخاضعة للرقابة التصديرية، ما يلزم الشركات بالحصول على تراخيص رسمية من وزارة التجارة الصينية قبل التصدير.
ورغم أن بكين لم تصرح صراحة باستخدام هذه القيود كسلاح جيوسياسي، فإن تدني معدلات الموافقة على التراخيص يفسر على نطاق واسع باعتباره ردا على القيود الأميركية المفروضة على صادرات الرقائق والتقنيات الحساسة.
ويمثل هذا الإجراء جزءا من استراتيجية صينية أكثر شمولا للسيطرة على التجارة التقنية العالمية دون الحاجة لإجراءات علنية أو اعتراف رسمي، وفق تحليل لوكالة "رويترز".
وتنتج الصين نحو 70% من إجمالي المعادن النادرة في العالم، مع هيمنة شبه مطلقة على عمليات التكرير والمعالجة، مما يمنحها نفوذا هائلا على الصناعات العالمية، خاصة مع النظام الجديد الذي يتيح لبكين تتبع كيفية استخدام هذه المعادن داخل سلاسل التوريد.
وللإشارة فإن هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها الصين سلاح المعادن النادرة، فقد سبق أن حظرت صادراتها إلى اليابان في 2010 وسط توتر إقليمي. كما أن الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ كان قد أشار منذ عام 1992 إلى الأهمية الاستراتيجية لهذه الموارد بقوله: "الشرق الأوسط لديه النفط، والصين تملك المعادن النادرة".
بموجب قانون مراقبة الصادرات الذي أقرته بكين عام 2020، أصبح بإمكان الحكومة فرض قيود على أي صادرات تصنف بأنها تمس الأمن القومي، وهو ما منح الصين أدوات إضافية لفرض نفوذها، لا سيما مع ضخ استثمارات ضخمة في تطوير بدائل محلية لمواجهة السياسات الأميركية.