انطلاق مؤتمردولي بكلميم حول التدبير الاستراتيجي للتراب في دورته ال 2

شكل موضوع "التدبير الاستراتيجي للتراب، رهانات وتطلعات" محور مؤتمر دولي انطلقت أشغاله، أمس الجمعة بكلميم، والذي تنظمه، على مدى يومين، كلية الاقتصاد والتدبير، بمشاركة أكاديميين ومتخصصين وباحثين من بلدان عربية وأجنبية.
ويهدف هذا المؤتمر في نسخته الثانية، الذي ينظم بشراكة مع المركز الأفرو-متوسطي للتفكير والدراسات القانونية والسوسيو-اقتصادية، وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس، وقطاعات وهيئات أخرى، إلى بحث فرص تثمين واستغلال المؤهلات التي يزخر بها المغرب، والوقوف عند نقاط القوة ومكامن الضعف بغية إصلاح مكامن الخلل والارتقاء بالأدوار التي يقدمها جاعلا من تيمة تدبير التراب موضوعا ذا أهمية بالغة في العالم المعاصر.
كما يشكل المؤتمر فرصة لإغناء النقاش وتبادل الأفكار والخبرات من أجل مواكبة المسارات التنموية للتراب، وأكد عميد كلية الاقتصاد والتدبير، يوسف الوزاني، في كلمة افتتاحية، أن هذا المؤتمر فرصة لاستشراف مسارات التنمية المستدامة في ظل تحديات العصر، مضيفا أن هذا اللقاء هو محطة لصياغة رؤى جديدة تجمع بين العدالة المجالية واستشراف مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وأبرز أن موضوع هذا المؤتمر يكتسي راهنية تعكس عمق التحديات التي تواجه التدبير الترابي، سواء من حيث التهيئة أو العدالة المجالية أو الاستدامة أو استشراف المستقبل، في ظل التحولات البيئية والاقتصادية والديمغرافية.
وأضاف أن تنظيم هذا المؤتمر يأتي انسجاما مع الرؤية الملكية الحكيمة، التي تؤكد على أهمية العلم والبحث في بناء مجتمع مزدهر، والتي تؤكد على ضرورة إشراك النخب العلمية والفاعلين المحليين في رسم معالم التنمية.
كما يأتي هذا اللقاء تماشيا مع الاختيارات الاستراتيجية لجهة كلميم -وادنون، المنصوص عليها في برنامج التنمية الجهوية، الهادف إلى تحقيق تنمية مندمجة وشاملة تراعي خصوصيات المنطقة وتطلعات ساكنتها، ويروم إلى تحقيق التناغم بين الانتظارات المحلية والمتطلبات العالمية.
وانكب عدد من المتدخلين، في إطار جلسات علمية لهذا المؤتمر، على مناقشة رهانات وتطلعات التدبير الاستراتيجي للتراب، مبرزين أهمية تدبير التراب في الوقت الراهن وما تستلزمه متطلبات التنمية الشاملة.
وبحثوا موضوع التدبير الترابي من عدة جوانب قانونية واقتصادية وتاريخية وعلم الاجتماع، مبرزين أهمية الجانب الرياضي والإعلامي في عملية التدبير الترابي باعتبارهما وسيلة أساسية في التسويق الترابي والتعريف به، ومشددين على الدور المحوري للإعلام كشريك أساسي في التنمية.
كما أكدوا على أهمية الاستثمار في الإنسان الذي يعد المحور الرئيسي في عملية التنمية، وذلك من خلال طاقاته وقدراته البدنية والنفسية والاجتماعية والمهارية، وكذلك قدرته على استثمار الموارد الطبيعية والاقتصادية التي تشكل الثروة الحقيقية للتنمية، لأن الإنسان هو هدف التنمية الشاملة، مشيرين، أيضا، إلى التحديات والإكراهات التي تواجه التدبير الاستراتيجي الترابي، في ظل توسع حضري متسارع وتغيرات مناخية وبيئية.
وأكد وديع الهامل، أستاذ باحث بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، في تصريح صحفي، أن هذا اللقاء فرصة لمقاربة موضوع التدبير الترابي من عدة جوانب قانونية واقتصادية وتاريخية وعلم الاجتماع.
وأبرز السيد الهامل، وهو، أيضا، رئيس المركز الأفرو-متوسطي للتفكير والدراسات القانونية والسوسيو-اقتصادية، أهمية تدبير التراب ودوره في تقريب الإدارة من المواطنين، وتقريب الخدمات من المواطن والرقي بها في عالم يعرف التطورات التكنولوجية والرقمية التي يجب ان يستفيد منها هذا المواطن.
من جهته، أشار محمد الزهري، أستاذ باحث بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، في تصريح مماثل، إلى أن الفاعل الجهوي والمحلي يجب تمكينه من الآليات الكفيلة للنهوض بمختلف المشاريع التنموية التي تشهدها البلاد على مستوى المنشآت الرياضية والبنيات السياحية.
كما توقف عند الدور المحوري للإعلام، كشريك أساسي في التنمية، بالنظر لما يلعبه من دور في هذا المجال كسلطة محفزة، وبالتالي يتعين أن يحظى بالاهتمام من قبل السلطات العمومية لان التسويق لصورة المغرب ولحضارته وثقافته لا يمكن أن يتم إلا عن طريق الإعلام الذي يجب اعتباره شريكا في التنمية.
من جانبه، تطرق عميد كلية العلوم الرياضية بالجامعة الأردنية، حسن عصري السعود، إلى أهمية الاستثمار الرياضي في الأندية، ودور الرياضة التي تعد إحدى وسائل التنمية الترابية، وأيضا، وسيلة للتقارب بين الشعوب، معتبرا أن الرياضة تجسد بعدا إنسانيا وصحيا واقتصاديا واجتماعيا وتنمويا، حيث تحولت الرياضة من مجرد هواية أو وسيلة إلى علم وتنمية اقتصادية أو بشرية.
بدورها، أبرزت عالية إدريس، إعلامية أردنية، دور وسائل الإعلام في تنمية الوعي البيئي لدى المتلقي، وكيفية تناول وسائل الإعلام لقضايا البيئة، داعية إلى ضرورة الاهتمام ببرامج البيئة.
وتطرق باقي المتدخلين، بالخصوص، إلى دور الرقمنة في تدبير المجال والتحديات، مذكرين، في هذا السياق، باستراتيجية المغرب الرقمي 2030، وطرق تنزيلها على المستوى الجهوي، داعين إلى تظافر جهود الجميع من أجل إنجاح وكسب رهان 2030، وأن يستفيد المغرب من مونديال 2030 الذي يشكل، في الوقت ذاته، تحديا ومسؤولية.
وتتواصل أشغال هذا المؤتمر الدولي، بتقديم مداخلات وعروض ضمن عدة جلسات تتمحور حول مواضيع، منها: التجويد الترابي بالمغرب، والذكاء الترابي مدخل لتجويد الفعل العمومي، وعلاقة الاقتصاد بالتنمية الترابية، وكذا والأسس القانونية والمالية للتدبير الجهوي للتراب، والعلاقة بين تصميم التهيئة وتدبير التراب، والمواطنة والمشاركة المجتمعية في بلورة السياسات الترابية، ودور الإعلام في تعزيز الجاذبية الترابية وتتبع الشأن العام المحلي.