إستراتيجية أمريكية مثيرة للجدل هجوم غير مسبوق على أوروبا وتأكيد على أولوية التفاهم مع روسيا
صورة - م.ع.ن
أشعلت إستراتيجية الأمن القومي الجديدة التي أصدرتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلا واسعا على الساحة الدولية، بعدما حملت نبرة هجومية غير معهودة تجاه أوروبا.
الوثيقة، التي تقع في 33 صفحة، وصفتها مجلة وار أون ذا روكس بأنها صدمة للنظام الدولي، فيما أثارت عاصفة من الانتقادات في الأوساط السياسية والفكرية داخل القارة الأوروبية.
وتحذر الإستراتيجية من أن أوروبا تواجه “محوا حضاريا” إذا استمرت اتجاهاتها السياسية والاجتماعية الحالية، وفق ما نقلته إذاعة فرانس إنفو. كما تتهم الوثيقة الاتحاد الأوروبي بممارسة الرقابة على حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية، في إشارة واضحة إلى جهود بعض الحكومات الأوروبية لاحتواء صعود اليمين المتطرف.
وتساءلت صحيفة لابريس الكندية عمّا إذا كانت عضوية حلف الناتو قد تتغير جذريا في العقود المقبلة، مشيرة إلى أن الوثيقة تلمح إلى احتمال أن يصبح معظم أعضاء الحلف من خارج أوروبا، ما قد يؤدي إلى إعادة النظر جذريًا في طبيعة التحالف ودوره العالمي.
وفي تحليل مطول نشرته فورين بوليسي، اعتبرت ناتالي توتشي، مديرة معهد الشؤون الدولية في إيطاليا، أن إدارة ترامب تمتلك رؤية واضحة تجاه أوروبا، لكنها رؤية تستند بحسب تعبيرها إلى تقسيم القارة والحد من نفوذها، مع إفساح المجال للقوى القومية اليمينية للقيام بالعمل الخشن .
وعلق مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS) على الوثيقة قائلا إنها صفعة مؤلمة لأوروبا، موضحا أن لهجة الوثيقة ازدرائية ولا تحمل أي تطمينات للحلفاء الأوروبيين. من جهته، حذر مجلس العلاقات الخارجية (CFR) من أن الإستراتيجية تعتمد خطابا عدائيا تجاه الاتحاد الأوروبي، متهمة إياه بالمساس بـالسيادة والحرية السياسية.
وتضيف فرانس إنفو أن الوثيقة تأتي كامتداد للخطاب الذي قدمه نائب الرئيس جي دي فانس في مؤتمر ميونيخ للأمن، والذي وُصف أوروبيًا بأنه تدخل أمريكي فج.
أما وكالة تاس الروسية، فأبرزت أن الإستراتيجية ترفض النظر إلى الناتو كتحالف قابل للتوسع بلا حدود، مشيرة إلى أن واشنطن ترى في استعادة الاستقرار الإستراتيجي مع موسكو أولوية كبرى للسياسة الأوروبية.
كما ذكرت صحيفة برافدا أن الوثيقة تحدد التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار في أوكرانيا كهدف أساسي لتجنب تمدد الصراع وضمان استقرار اقتصادات الدول الأوروبية.
وسلطت لابريس الضوء على دعوة الوثيقة إلى استعادة السيادة الأمريكية في أمريكا اللاتينية، وإعادة توزيع القوات الأمريكية حول العالم بما يتناسب مع التهديدات المباشرة للقارة الأمريكية، وذلك عبر تخفيف الوجود العسكري في المناطق التي تراجعت أهميتها الإستراتيجية.
وحذرت توري تاوسيغ، الباحثة في المجلس الأطلسي، من أن الإستراتيجية قد تعزز نفوذ الأحزاب القومية والشعبوية في أوروبا، وهي القوى التي تميل بحسب قولها إلى خفض الإنفاق الدفاعي والتقليل من أهمية التهديدات الأمنية التقليدية.